مع مطلع عقد الثمانينيات توقع الباحثون المتخصصون في علم الإدارة والتسويق أن اليابانيين سيكونون أبطال العالم في التسويق القادمين. في ذلك الوقت كان اليابانيون يحققون نجاحات مبهرة في عالم صناعة السيارات والصناعات الإلكترونية وصناعات أخرى متعددة. وأشار الباحثون أيضاً إلى أن اليابانيين قد ذهبوا إلى الولايات المتحدة لدراسة فلسفة التسويق ومبادئه، ثم عادوا إلى بلادهم ليطبقوا ما تعلموه بنجاح منقطع النظير. لقد وضح أن اليابانيين هم القوة الاقتصادية القادمة، وأن التسويق سيكون السبب الرئيس في نجاح اليابانيين. لقد ظهرت براعتهم التسويقية في إدارتهم للمنتجات، وفي اختيارهم للأسواق وتجزئتهم لها. حقيقة لقد بدأ اليابانيون يسيطرون على كل شيء السيارات، الدراجات، الكاميرات، الساعات، التلفزيونات، أجهزة المذياع والتسجيل، الآلات الحاسبة، أجهزة الكمبيوتر، معدات البناء، المواد الكيماوية، والكثير من المنتجات. ترتكز الفلسفة التسويقية اليابانية في جوهرها على دراسة احتياجات المستهلك ورغباته في السوق المزمع دخولها، ومن ثم يتم تصميم المنتج الذي يفي بتلك الاحتياجات والرغبات. الواقع أن هذه الفلسفة لم تؤدِ إلى أمركة أساليب العمل في اليابان بقدر ما أدت إلى إعادة تشكيل التسويق الأمريكي ليصطبغ بالصبغة اليابانية.
الشركات اليابانية تنبني في فلسفتها التسويقية على منهج استثمار الفرص التسويقية التي تظهر من خلال تجزئة الأسواق الجديدة، أو التغيرات التكنولوجية، أو قنوات التوزيع الجديدة. الميزة الأساسية في التوجه التسويقي الذي تنتهجه الشركات اليابانية يتمثل في الدراسة المتعمقة للبيئة التي تعمل فيها هذه الشركات، هناك تكتيك مشهور استخدم في اليابان هو الضرب في الأركان strike at the corners. هذا الاعتقاد يعني أنه إذا تحطمت الأركان سيتحطم الجسد، إذن تجب متابعة الهجوم حتى تسقط الأركان، هذه الاستراتيجية تستخدم في عديد من الصناعات مثل صناعة السيارات والأجهزة الإلكترونية، فاليابانيون هم أعظم من يستطيع اكتشاف الاختلافات في الأسواق، وأعظم من يكتشف الفجوات في السوق، ومن ثم فهم الأكثر قدرة على الوصول إلى مناطق تفرز فرصا تسويقية لا تحتمل سوى استثمارها. اليابانيون يركزون دائماً في المناطق التي تتجاهلها الشركات الأمريكية، مثلما حدث في إنتاج السيارات الصغيرة في الولايات المتحدة وإنتاج آلات تصوير المستندات بأحجام ومواصفات غير عادية وتقديم التليفزيونات صغيرة الحجم وكبيرة الحجم جداً. تتبنى الشركات اليابانية تكتيكات هجومية للمزيج التسويقي، وهذا يشمل أسعاراً منخفضة، امتدادا سريعا للمنتجات، إنفاقا كبيرا على الترويج، تحفيز الموزعين.
من الملاحظ أيضا أن الشركات اليابانية تركز على الأرباح طويلة الأجل، وعلى تنمية الحصة السوقية في أي سوق يوجدون فيه، على عكس الشركات في الغرب التي تركز على الأرباح قصيرة الأجل، وتتقبل فقدان الحصة السوقية في مقابل تحقيق أداء ربحي جيد. اليابانيون لا يتعاملون مع الربح لكونه هدفا رئيسا ومركزيا، ولكن يعدونه نتيجة حتمية للوفاء باحتياجات المستهلك وتحقيق الحصة السوقية المطلوبة. هم لا يحددون التكلفة ثم يضيفون السعر، ولكن يحددون السعر ثم يفكرون بشأن تخفيض التكلفة إلى أقل حد ممكن. أيضا من الملاحظ أن الشركات اليابانية تركز على المنتجات الجديدة ومستويات الجودة التي يقدمها منافسوهم.. إنهم يقدمون مستوى مرتفعا من الجودة والاعتمادية والتحسين المستمر بوصفه وسيلة لتحقيق ميزة تنافسية، لذا تتسم المنتجات اليابانية بانخفاض نسبة المعيب فيها إلى أدنى حد ممكن. إن السبب الرئيس لانخفاض العيوب في المنتجات اليابانية يرجع إلى أن هذه الشركات تنظر للعيوب لكونها مدعاة للخجل وأنه يمس شرف الشركة.
تنظر الشركات اليابانية لخدمة العملاء بوصفها ميزة تنافسية تتيح لها القدرة على تحقيق أهدافها التسويقية في الأسواق التي تخترقها، ولديها قناعة تامة بأهمية تقديم دعم كبير للموزعين من الناحية الفنية والتدريبية والترويجية، لكون الموزعين يمارسون دوراً حيوياً في الوصول إلى العملاء في كل مكان وفى كل وقت.
في اليابان ليس من المهم مدى تميز منتجك، ليس من المهم حجم الأرباح التي تحققها منتجاتك بقدر ما هو مهم أنه عندما يواجه المستهلك مشكلة ينبغي للشركة أن تقدم حلولا فورية، المهم هو عندما يحدث خطأ فعلى الجميع أن يتحرك لإصلاحه حتى لو تطلب الأمر أن يتحرك رئيس الشركة نحو المستهلك ويقدم له الاعتذار.