عن التسويق السياحي نتحدث اليوم.. التسويق فكر وعلم وفن.. ودائما ما أقول ونكتب علي هذه الصفحة اننا في كثير من الاحيان بعيدون عن الأفكار الجديدة في التسويق ومازال الفكر التقليدي يحكمنا وتذكرون أننا علي هذه الصفحة يوم زيارة الرئيس الأمريكي أوباما الي مصر.. قلنا إن هذه الزيارة كانت يمكن أن تكون فرصة لزيادة الترويج والتسويق السياحي الي مصر.. ولكن نحن دائما نهوي إضاعة الفرص.. ونتحدث بعد انتهاء المولد.. لكن أن نستعد لاقتناص الفرص.. فذلك تفكير بعيد عنا تقريبا.
لقد شرحت قبل ذلك أن الترويج شيء.. والتسويق شيء آخر. فمثلا اهتمام وسائل الاعلام في كل العالم بالزيارة كان كبيرا جدا.. لكن الأهم بالنسبة للسياحة كان تسويق زيارة او جولة أوباما او ما يسمي بالانجليزية أوباما تور. وتحويلها الي برامج سياحية محددة وبأسعار محدودة.
فمجرد نشر صور الزيارة واهتمام وسائل الاعلام بها فذلك نوع من الترويج وبناء صورة ايجابية عن مصر وآثارها والسياحة فيها.. لكن كان الأهم بالنسبة للمتخصصين هو التسويق بمعني أنه كان يجب أن يكون هناك من يفكر او حتي يوجة شركات السياحة لضرورة أن تتحول الصور او الأماكن التي زارها أوباما الي برامج محددة أي يتم تسويقها وبيعها لأنه كان من المتوقع أن يطالب الكثير في العالم بتقليد هذه الجولة او تنفيذها وهذا ما كنا نطالب به..
لقد فوجئت بما يؤكد هذا الكلام من الدكتور زاهي حواس الذي سأله كثير من الشخصيات العالمية عن رغبتهم في تنفيذ جولة من أوباما تور أي نفس خط سير رحلة او جولة أوباما.
ولذلك استغرب الدكتور حواس في أن شركات السياحة المصرية لم تعلن عن مثل هذا البرنامج الذي يضمن البيع بأسعار عالمية وباقبال كبير.
ولعل ما نشرته الصحف المصرية أمس عن زيارة الجنرال الأمريكي باترويس للآثار المصرية وطلبه نفس خط سير جولة أوباما يؤكد ذلك.. ويؤكد الفرق بين الترويج والتسويق, ويؤكد أننا نهوي اضاعة الفرص ولانعرف شيئا عن التسويق كفكر وكعلم وكفن وأفكار جديدة.
لقد قرأنا كثيرا عن أفكار تم تنفيذها منذ بداية الأزمة المالية العالمية في دبي وماليزيا وتايلاند وهونج كونج وبريطانيا مثل تذاكر مجانية لزيارة الدول ومثل حملات تنشيط السياحة الداخلية وحوافز وعروض جديدة وغير تقليدية..
أما نحن فتوقف تفكيرنا عند الأفكار التقليدية القديمة تحفيز الشارتر والحملات المشتركة رغم ما للبعض عليها من تحفظات.. الأكثر من هذا أن القطاع لايعرف عن التسويق سوي النزول بالأسعار او حرق الأسعار ولايعرف شيئا عن المنافسة الشريفة والجودة في الخدمات.
لم يقدم أحد من المسئولين عن التسويق والتنشيط للسياحة المصرية فكرة جديدة او برنامجا جديدا..
بل الكل يرتمي في حضن شركات عامة ندفع لها الملايين فقط وهي التي تتصرف.. أما نحن فكأننا معدومو الفكر.. ولا نعرف شئيا عن ابتكار أفكار جديدة للتسويق.
اقرأوا معي هذا التقرير الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية منذ10 أيام حول الافكار الجديدة في التسويق التي يجب أن نتعلم منها.. يقول التقرير:
في العام الماضي, جاهدت شركات السياحة لكي تتأقلم مع الأمور التي كانت تصيب السياح بالقلق مثل زيادة أسعار البنزين والذي أدي إلي زيادة أسعار تذاكر الطيران.
لكن تلك الأيام الجميلة مضت هكذا أشار تقرير صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قبل أيام, فالتدهور الذي أصاب الاقتصاد العالمي منذ نهاية العام الماضي جعل من الصعب علي السياحة السفر من الأساس وليس الشكوي من ارتفاع الأسعار.
وكنتيجة لهذا الاقلاع من جانب السياح عن السفر, فإن شركات الطيران والفنادق والمنتجعات وغيرها من مرافق السياحة تكثف محاولاتها لإغراء السياح بالسفر مرة أخري.
ويقول توني كورتيزاس نائب رئيس وحدة التسويق لمجموعة فنادق شهيرة في مدينة ميامي الأمريكية, ان من الصعب للغاية حاليا اقناع السياح بتغير سلوكهم الرافض للسفر في ظل الموقف الاقتصادي الراهن.
وقد بدأت هذه المجموعة الفندقية حملة دعائية ضخمة لاستمالة السياح ليس في ميامي فقط بل للسفر إلي فروعها في مدينة كانكون المكسيكية المعروفة بأنها أهم مدينة سياحية هناك.
وفي الحملة قدمت المجموعة تخفيضات كبيرة للغاية للاقامة في فنادقها ولكن المجموعة تجد صعوبة بالنظر إلي الأزمة الاقتصادية وكذلك بسبب ظهور فيروس إنفلونزا الخنازير في المكسيك مما أدي إلي تراجع غير مسبوق في السفر إلي المكسيك.
وسيلة أخري ابتكرتها إدارة السياحة في جزر كايمات وهي مجموعة جزر تقع غرب البحر الكاريبي وتتبع التاج البريطاني, وذلك لتنشيط السياحة بها والوسيلة هي فيلم سينمائي مدته90 دقيقة تم تصويره هناك ويقدم للسائح معلومات مصورة عن الجزر ويتم عرض الفيلم في مدن ميامي ونيويورك وتامبا بولاية فلوريدا من الولايات المتحدة.
وقد تم اختيار تلك المدن لأن الخطوط الجوية لكايمات تقوم برحلات مباشرة من هناك.
وقد قامت دول أخري مثل بنما علي سبيل المثال باستخدام اليوتيوب لعمل دعاية للأماكن السياحية بها واقناع السياح بالسفر إليها بعد التراجع الكبير نتيجة الأزمة الاقتصادية وبالطبع هناك اغراءات مالية وفرص للفوز بجوائز وغير ذلك كوسيلة للدعاية.
ويقول دان روي الرئيس التنفيذي لمجموعة شواطئ بنما سيتي ان مناطق سياحية عديدة تواجه مواقف صعبة حاليا ونحن منها, فالمعروض كثير للغاية والطلب محدود ولذلك لابد من حملة دعائية مكثفة لاغراء السياح بالقدوم.
ومعظم الحملات السياحية تستهدف في الأساس السائح الأمريكي ولذلك يتم توجيهها إلي مدن أمريكية محددة والرسالة التي تقولها هذه الحملات ان قيام السائح برحلة في هذه المرحلة التي يقل فيها عدد السياح سيكون أمرا مغريا حيث سيحظي بالخدمات والاهتمام والتخفيضات الكبيرة التي تصل إلي نصف أسعار عام2008 تقريبا.
وتجتهد الشركات السياحية والمنتجعات وكذلك الحكومات في استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة من انترنت إلي يوتيوب وغير ذلك لإيصال رسالتها إلي السياح المحتملين تدعوهم فيها إلي استغلال هذه الاغراءات والتخفيضات والقيام برحلة سياحة الآن.
فعلا التسويق السياحي الحديث في العالم الان.. فكر وعلم وفن وابتكار وافكار جديدة.. أما نحن هنا في مصر فقد توقف بنا الزمن عند سنوات طويلة مضت..!