المشروعات
الصغيرة أصبحت تمثل طرحا يحتل أولية متقدمة على أجندة اقتصادات الدول النامية ،
ومنها البلدان العربية والإسلامية ، وذلك لأسباب عدة ، فهي في الأجل القصير تمثل
حلا ضروريا للإسهام في حل مشكلتي البطالة والفقر اللتان ن تعاني منهما دول عالمنا
العربي والإسلامي ، وفي الجانب الآخر نجد أن النمط السائد للعمليات الإنتاجية في
ظل العولمة يعتمد على إسهام أكثر من بلد في المنتج الواحد 0
وللمشروعات الصغيرة دور مهم في هذه
العملية ويستدل المؤيدون لفكرة المشروعات الصغيرة بحجم إسهاماتها في الأقتصادين
الكبيرين في أميركا واليابان وغيرهما من البلدان المتقدمة ، ففي أميركا تشكل
المشروعات الصغيرة 97 % من عدد المشروعات فيها ، حيث يوجد نحو 13 مليون مشروع يعمل
فيها أكثر من نصف العاملين في أميركا تؤمن ثلثي فرص العمل للعمالة الجديدة ، وفي
اليابان تبلغ المشروعات الصغيرة نحو 4ر99% من عدد المشروعات فيها ، وتستخدم هذه
المشروعات 4ر 84 % من إجمالي العمالة 0
لكن هذا الاتجاه يعارضه بعض المتخصصين
في اقتصادات التنمية ويزعمون أن التنمية في تجارب البلدان المختلفة سواء المتقدمة
منها أو حتى تجارب النمور الآسيوية اعتمدت على التصنيع الكبير ، وأنشأت الصناعات
الصغيرة ومشروعاتها على جانب التصنيع الكبير ، وتمثل أطروحة المشروعات الصغيرة
نوعا من التهميش للبلدان النامية ، ويرى المعترضون على تبني المشروعات الصغيرة أنه
ينبغي أن تأتي في إطار استراتيجية تعظم قيمتها المضافة وأن تكون في إطار صناعات
مكملة لصناعات كبيرة كما هو حال تجربة إيطاليا والبرازيل ، وحتى اليابان ،
فالمشروعات الصغيرة عملت في مجال صناعة السيارات والكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية
، وليس في مجال محلات البقالة وتوزيع وتعبئة المواد الغذائية 0
وقد لاقت المشروعات الصغيرة قبولا في
البلدان العربية والإسلامية بشكل كبير بعد إقبال هذه الدول على تطبيق برامج
الخصخصة ، حيث تم التخلي عن المشروعات ذات الحجم الكبير التي كانت تمتلكها الدولة،
وفي الوقت نفسه ، فالقطاع الخاص غير مؤهل للقيام بهذا الدور ، وأيا كانت الأسباب
فإن المشروعات الصغيرة واقع معاش ، وأصبحت له جمعياته وبرامج تمويله ، ولكن نظرا
لأن معظم هذه البرامج تأتي في إطار المعونات والمنح الخارجية ، فإنها تعتمد آلية
الإقراض بفائدة كطريقة وحيدة لتمويل هذه المشروعات من خلال صيغ التمويل الإسلامية
تسمح بأن يقدم المسلمون إسهامهم في النهوض بهذه المشروعات، أن يكون لها دور حقيقي
في التنمية ، فقد عقد مركز " صالح كامل " للإقتصاد الإسلامي" في
القاهرة أخيرا ندوته تحت عنوان : " أساليب التمويل الإسلامية للمشروعات
الصغيرة " من أجل تقديم البديل الإسلامي ، وفيما يلي نعرض لمضمون أوراق هذه
الندوة