الرضا الوظيفى .
فالرضا الوظيفي هو تجميع للظروف النفسية والفسيولوجية والبيئية التي تحيط علاقة الموظف بزملائه ورؤسائه وتتوافق مع شخصيته , إنه لمن المؤكد والمحسوم أيضاً أن معطيات الرضا الوظيفي هو الشعور بالسعادة، فرضا الفرد عن وظيفته يؤدي إلى الكفاية الإنتاجية العالية، فالفرد الراضي عن وظيفته أو مهنته يقبل عليها في همة ونشاط ويكون سعيداً بها مما يزيد من كفايته الإنتاجية، أما عدم الرضا عن المهنة فينتج عنه سوء تكيف، غير متوازن انفعالياً ويظهر الكثير من مظاهر الضجر والملل والاستياء والإحباط...
.إن ميل الفرد لعمله أو لجانب معين فيه له المردود الإيجابي على نفسه وعلى عمله والرضا يتحقق عندما تتحقق توقعات الفرد نحو ما يحصل عليه من العوائد المعنوية والمادية خاصة، كما يُعبر الرضا عن حالة تكامل الفرد النفسية مع وظيفته ومدى استغلال العمل لقدراته وميوله وإثبات لشخصيته، أضف إلى أن وصول الفرد لمستوى الطموح الذي حدده يتحقق له من خلال عمله وهذا بدوره يؤدي لإشباع حاجاته الشخصية،
ولا شك أن هناك عوامل مؤثرة في رضا الفرد عن وظيفته، بعضها يتعلق بذاتية الفرد نفسه وبعضها الآخر متعلق بالتنظيم الذي يعمل فيه الفرد وهي بيئة العمل التي يعيشها كنوع العمل، وطبيعة وظيفته أو مهنته كعمل روتيني أو متنوع، ابتكاري أو عادي , وإذا نظرنا لعملية الرقابة الذاتية كأحد المدلولات الهامة والمؤثرة على الرضا الوظيفى إذا تربى العنصر البشرى على الرقابة الذاتية تربيا صحيحة .
ولا شك أن العمل المتنوع ينتج عنه مستوى أعلى من الرضا، كما أن الظروف المحيطة ببيئة العمل من التهوية والإضاءة والأدوات والأجهزة المستخدمة وكم العمل وحجم الإدارة، فكلما كان حجم الإدارة صغيراً زاد التعاون بين الموظفين وازدادت العلاقة الشخصية والوظيفية بينهم، وبالتالي ارتفع روح الانتماء للجماعة والعمل فزاد الرضا الوظيفي لديه.ولا تخفى علينا أهمية المكانة الاجتماعية والاقتصادية للوظيفة كمحدد مهم للرضا الوظيفي، وهذا يرجع لثقافة المجتمع وتقديره للعمل،
ومن المحددات الرئيسية أيضاً التي تحتل الصدارة للرضا الوظيفي نمط الإشراف أو نوع القيادة في العمل، فقد حدد علماء الإدارة والعلوم الإنسانية أن هناك علاقة قوية بين النمط السائد للقيادة أو الإشراف (ديمقراطي – ديكتاتوري- فوضوي) والرضا الوظيفي عند الفرد وهذه العلاقة علاقة طردية قوية، ولا تقف عند العوامل البيئية المؤثرة في رضا الفرد عن وظيفته فقط وهناك عوامل خاصة بالفرد يتأثر بها وتؤثر على عمله كالإنجاز فالإنسان لا يقف عند نقطة معينة في حياته فلديه أهداف (إنجازات) يتمنى تحقيقها ويتوقع تحقيقها وهذه تمثل اتجاهاً لسلوكه بناءً على تقديره لذاته وتقدير الآخرين له وكلما وصل إلى مستوى شعر بارتياح ورضا ثم يضع أهدافاً ومستويات طموح جديدة، ولا نغفل ما يحققه الترقي والتقدم الوظيفي وما يمثله ذلك من أهمية كبرى لدى الموظف ورضاه بوظيفته،
بالإضافة إلى الراتب والحوافز المادية وهذان العاملان الأخيران لا شك أنهما مساهمان بدرجة كبيرة في منع مشاعر الاستياء والإحباط الوظيفي لدى الفرد.
كما أن الاستقرار في العمل والحاجة للأمن فيه من المصادر القوية لتحديد الرضا وكلما ارتفع المستوى الوظيفي للفرد كان أكثر استقرارا وعطاءً ورضا عن العمل، يقول روجرز العالم النفسي في نظريته (الذات) إن الأشخاص الذين ينتقلون إلى عمل جديد غالباً ما تتغير شخصياتهم للأسوأ وهذا يحدث على الأقل في البداية ولا يعد هذا غريباً إذا نظرنا إليه حسب معطيات نظريته (الذات) فالعمل الذي يرتبط به الموظف لمدة طويلة له مردود ممتاز نفسياً، وقد يفي بكل متطلباته ويشبع حاجاته، بينما الموظف الجديد لم يتعود بعد على مهام العمل وقد يرتكب أخطاء قد تؤدي إلى الضرر بتقديره لذاته سلباً وقد تنمو لديه مشاعر عدم الثقة بالذات، والمدير المشرف سيقيمه وظيفياً من خلال كفاءته الإنتاجية، وهنا دور نمط القيادة الفعال مع موظفيها (قدامى ومستجدين). كذلك أن العلاقات الاجتماعية في محيط العمل أحد محددات الرضا الوظيفي والمهمة في حياة الفرد فهذه العلاقات تشعره بالانتماء والرضا داخل المؤسسة وخارجها، فكلما كان في حاجة للانتماء كان أثر جماعة العمل على الرضا الوظيفي لدى الفرد كبيراً،
وأرى أنا العمر الزمني المعتمد على طبيعة العمل يحقق أيضاً رضا وظيفيا، وقد وجد الباحثون أن الجنس له صلة بذلك، فالسيدات حققن رضا وظيفيا أكبر من الرجال فيما يتعلق بالأجر والعلاقات الاجتماعية. وكما أن لكل هذه العوامل تأثير كبير في الرضا الوظيفي للفرد لاشك أن لمستواه التعليمي دور في رضاه عن عمله، فهناك علاقة إيجابية بين المهنة والمستوى التعليمي.