محددات الأداء لأكاديمي لطلاب وطالبات جامعة طيبة في المملكة العربية السعودية
د. نياف بن رشيد الجابري
جامعة طيبة – المدينة المنورة
الملخص
يعد الأداء الأكاديمي بالجامعة مؤشراً لإنتاجية الفرد في سوق العمل، كما تفيد دراسة الأداء الأكاديمي في تقييم كفاية مؤسسات التعليم العالي في توظيف الموارد، خاصة مع التوجه الملموس نحو تطبيق إجراءات ضمان الجودة. ولذلك، فقد شهدت السنوات الأخيرة جهداً ملموساً من قبل باحثي اقتصاديات التعليم -على الصعيد العالمي- للكشف عن محددات الأداء الأكاديمي للطالب الجامعي، وفق معالجات منهجية ناضجة. أما في المستوى العربي والسعودي، فقد ظلت دراسات الأداء الأكاديمي محدودة في نطاقها وأقل نضجاً في معالجاتها الإحصائية. وبالتالي فقد هدف البحث الحالي إلى دراسة الأداء الأكاديمي وفق منهجية دراسات اقتصاديات التعليم، بالتطبيق على بيانات لأكثر من 2000 طالب وطالبة بجامعة طيبة بالمدينة المنورة، ليكشف عن نتائج أهمها: تفوق الطالبات على الطلاب في المعدل التراكمي، وتأثر أداء الطلاب والطالبات بالظروف الأسرية والاقتصادية، وانخفاض أداء الطلاب والطالبات المتخرجين في مدارس ثانوية أهلية، أو في مدارس من خارج المدينة المنورة (عاصمة المنطقة)، وتراجع أداء الطلاب كثيري الغياب، وتأثر أداء الطالبات إيجابياً بزيادة الجهد الدراسي في المنزل، ووجود فروق كبيرة في الأداء الأكاديمي عبر التخصصات المختلفة.
أولاً: المدخل العام للدراسة
المقدمة
يحظى الأداء الأكاديمي لطلاب الجامعات بعناية ملموسة من قبل باحثي اقتصاديات التعليم العالي في السنوات الأخيرة. وتقف خلف هذا الاهتمام مبررات عدة، أهمها -بالنسبة للاقتصاديين-أن الأداء الأكاديمي يعد مؤشراً للطاقة الإنتاجية للفرد في سوق العمل. فإذا ما أمكن التسليم بنظرية رأس المال البشري، والتي تفترض أن أجر الفرد يعادل إنتاجيته (Becker, 1993)، وأن الإنتاجية تعد محصلة لما يمتلكه الفرد من معارف ومهارات وميول (مخزون رأس المال البشري)، فإن المستوى الأكاديمي للفرد يعد مؤشراً لما يمتلكه من مخزون رأس المال البشري، وبالتالي مايستحقه من أجر. ومما يؤكد هذا الاتجاه الارتباط القوي بين التقدير الجامعي للخريج ودخله في سوق العمل الذي اتضح في أمريكا (Loury and Garman, 1993) وبريطانيا (Naylor et. al., 2002). وبناءً على ذلك، فإن دراسة الأداء الأكاديمي لطلاب الجامعة يمكن أن تتنبأ بكثير مما سيتحقق في سوق العمل.
ويهتم الاقتصاديون بتوظيف أساليب التحليل الاقتصادي في تقييم أداء مؤسسات التعليم العالي انطلاقاً من مفاهيم الكفاية الداخلية (Belfield, 2000) والجودة (Massy, 2003). وتعني الكفاية تحقق الحد الأقصى من المخرجات بمستوى معطى من المدخلات أو تحقق المستوى المطلوب من المخرجات بأقل قدر ممكن من المدخلات، ويستدل عليها من خلال التحليل الناضج لمحددات الأداء الأكاديمي للطلاب؛ ذلك أن أثر أي من المتغيرات التي تعبر عن مستوى الموارد (مثلاً: معدل الطالب للأستاذ) في أداء الطالب، أو مدى تغير أداء الطالب عبر الكليات والأقسام - بعد عزل المتغيرات الاجتماعية الاقتصادية - يعد مؤشرا لمستوى الكفاية، لأنه يعبر عن أثر المدخلات في المخرجات.
أما الجودة، فقد تزايد الاهتمام بها مؤخراً، في عصر العولمة والمنافسة بين مؤسسات التعليم العالي إقليمياً ودولياً والتوجه نحو الاعتماد الأكاديمي (Eggins, 2003) وبروز ما يسمى بمؤشرات الأداء للجامعات (Naylor and Smith, 2004). ورغم أنها قد يستدل عليها بمؤشرات ترتبط بمدخلات وعمليات النظام التعليمي، فإن جودة المؤسسات التعليمية تعني في النهاية مستوى المخرجات، وتستكشف بحثياً من خلال أداء الطلاب (Woessmann, 2002). ولأن الاقتصاديين يوظفون –عادة- أساليب دوال الإنتاج في دراسة الأداء الأكاديمي، ولما تتميز به تلك الأساليب من قوة تفسيرية (Hanushek, 1979)، فإنها يمكن أن تنعكس في فوائد كثيرة تثري المعرفة بمؤشرات جودة مؤسسات التعليم العالي.
وكما يتضح من فصل مراجعة الأدبيات (الفصل الثاني)، ورغم اهتمام الاقتصاديين - الواضح في السنوات الأخيرة- بدراسة مؤثرات الأداء الأكاديمي بالجامعات، إلا أن البحث العربي في هذا الاتجاه ظل ضعيفاً فالدراسات العربية التي أجريت ليست اقتصادية، وجاءت محدودة في نطاقها وأقل نضجاً في معالجاتها المنهجية مقارنة بالدراسات الاقتصادية.
ومن هنا فقد جاء البحث الحالي ليسد فراغاً ملموساً –على الصعيدين العربي والسعودي - في دراسة الأداء الأكاديمي للطالب الجامعي.
أسئلة الدراسة
يمكن صياغة السؤال الرئيس التالي للدراسة:
• ما محددات الأداء الأكاديمي للطلاب والطالبات بجامعة طيبة بالمدينة المنورة؟
أهداف الدراسة
تهدف الدراسة الحالية إلى تعرف محددات أداء الطالب الجامعي في المملكة العربية السعودية، وفقاً لأساليب اقتصاديات التعليم، التي تتميز بمعالجات إحصائية متقدمة وبنطاق تحليلي واسع، أملاً في إثراء المعرفة بمؤثرات أداء الطالب الجامعي، وسعياً للخروج بما يفيد السياسة التحسينية للعملية التعليمية بالمرحلة الجامعية.
أهمية الدراسة
تحظى دراسات اقتصاديات التعليم –عموماً- بأهمية كبيرة، نظير نضج معالجاتها الإحصائية وسعتها التحليلية. فبينما تكتفي كثير من الدراسات المشتغلة بالتعليم بعدد محدود من المتغيرات، وبمعالجات إحصائية لا تتعدى اختبارات الارتباط الثنائي، تتجاوز دراسات اقتصاديات التعليم إلى اختبار الارتباط المتعدد، مع مراعاة الارتباطات الثنائية بين المتغيرات، إضافة إلى أنها تختبر – عادة- متغيرات كثيرة تعكس نطاقاً واسعاً من الظاهرة قيد الدراسة.
وبتوظيف أساليب التحليل الاقتصادي، فإن الدراسة الحالية ستثري موضوع الأداء الجامعي بمعالجات أنضج من المعالجات التي تتبعها –عادة- البحوث العربية. كما يتوقع لنتائج الدراسة أن تفيد السياسة التعليمية، خاصة فيما يتعلق بمعايير القبول للمرحلة الجامعية، وكذلك إجراءات تحسين جودة وكفاية العملية التعليمية.
حدود الدراسة
طُبقت الدراسة الحالية على عينة من طلاب وطالبات جامعة طيبة بالمدينة المنورة. وقد جاء قصر العمل على جامعة طيبة لمبرر براجماتي، أملته الإمكانات المادية والوقتية المتاحة، رغم أن كثيراً من الدراسات السابقة طبقت في مؤسسة تعليمية واحدة (جامعة، أو كلية، أو قسم)، ومن الممكن تعميم نتائج البحث على الصعيد السعودي، بالنظر إلى تشابه السياسات والظروف البيئية التي تحكم الجامعات السعودية.
وموضوعياً، اقتصر العمل على دراسة الأداء الأكاديمي كما يعكسه المعدل التراكمي للطالب الجامعي. ومع أن الدراسات السابقة نهجت الاتجاه نفسه، ورغم أن المعدل التراكمي يعد الأقوى في الإشارة إلى نواتج التعلم، إلا أن مخرجات العملية التعليمية واسعة، تشمل جوانب معرفية ومهارية ونفسية، يصعب قياسها بدقة وشمولية.
ثانياً: مراجعة الأدبيات
يعد الأداء الأكاديمي من أكثر الموضوعات بحثاً - عبر العالم- من قبل باحثين بخلفيات علمية مختلفة –تربوية، اجتماعية، واقتصادية، ونفسية. ومع أن بحوث اقتصاديات التعليم ليست الغالبة، إلا أنها تتميز بنطاقها الواسع وبمعالجات منهجية متقدمة؛ فهي تنطلق من جانب العرض في اقتصاديات التعليم، مهتمة بسياسات صياغة رأس المال البشري (checchi, 2006)، ومستندة إلى طرق دوال الإنتاج التي تتطلب قياس كافة المتغيرات التي تسهم في تشكيل المخرجات ثم تقدير أثرها في المخرجات، وفق معالجات الاقتصاد القياسي التي تراعي الترابط والتقاطع بين المتغيرات المختلفة مستفيدة من نضج إحصائيات الانحدار (Regression Statistics).
وبالتالي، فقد خصص الجزء الأول فيما يلي لمراجعة دراسات اقتصاديات التعليم، بينما يستعرض الجزء الثاني الأعمال العربية التي تناولت الأداء الأكاديمي.
دراسات اقتصاديات التعليم
يتفق الاقتصاديون في دراستهم للأداء الأكاديمي على العناية بالخصائص الفردية والأسرية للطالب، التي يُعبّر عنها بمتغيرات مثل: الجنس، والعمر، والحالة الاجتماعية، والمستوى الاجتماعي- الاقتصادي (أو الطبقة الاجتماعية، التي يُستدل عليها بتعليم الوالدين أو مهنتهم أو دخل الأسرة)، والتبعية العرقية. وتبرز أهمية هذه المتغيرات في أنها تشير إلى أثر التعليم العالي في توزيع رأس المال البشري، وإلى مدى قدرة مؤسسات التعليم العالي في التغلب على الميزات الاجتماعية التي يمتلكها بعض الطلاب دون آخرين، إضافة إلى أن من بين هذه المتغيرات ما قد يوظف كمحك للقبول. وأيضاً، يمكن اعتبار هذه المتغيرات مؤشراً للصفات الطبيعية الكامنة في الطالب، التي يفترض أن تكون معزولة (إحصائياً، على الأقل) حينما يراد قياس القيمة التي تضيفها المؤسسات التعليمية إلى الحصيلة المعرفية للطالب. ورغم أن هذه المتغيرات تسهم -بداية- في قرار الطالب في الالتحاق أو عدم الالتحاق بالتعليم العالي، مما يعني أن جزءاً من أثرها سيكون قد عزل عند الالتحاق، إلا أنها –عادة- ما تكون مؤثرة، وبتغاير ملموس عبر الدراسات.
وغير بعيد عن المتغيرات الأسرية والفردية، قد يتأثر أداء الطالب الأكاديمي بالخلفية البيئية التي ينتمي إليها. ولذا فقد اختبرت دراسة أمريكية (Betts and Morell, 1999) المتغيرات التي تشير إلى جودة البيئة وجماعة الرفاق، وكشفت عن وجود أثر سلبي لنسبة تلاميذ المنطقة التعليمية الذين تتلقى أسرهم إعانات، ووجود أثر إيجابي لنسبة السكان الحاصلين على درجة البكالوريوس أو أعلى، في حين لم يكن وسيط دخل الأسر (Median of Household Income) مؤثراً.
وتؤثر الحصيلة المعرفية كثيراً في الأداء الجامعي للطالب؛ الأمر الذي يدعو لتوظيف مقاييس التحصيل العلمي السابق كمعايير قبول في الجامعة. ورغم أن جزءاً من أثرها سيكون قد عزل عند دخول الجامعة، إلا أنها –عادة- ما تسهم بتفسير نسبة واضحة من التباين في مقياس الأداء الأكاديمي المستخدم.
وحيث يتوقف قبول الطلاب في الجامعات البريطانية على تجاوز المستوى المتقدم (A-level)، الذي يتطلب دراسة 1 - 2 سنة بعد المرحلة الثانوية، فقد اهتمت الدراسات البريطانية باختبار ارتباط نتيجة المستوى المتقدم (A-Level) بالأداء الجامعي (McNabb et. al. 2002; Naylor and Smith, 2004; and Smith and Naylor, 2001 and 2005). أما الدراسات الأمريكية (Betts and Morell, 1999; and Cohn et. al., 2004) فقد اعتنت بتقدير قوة التنبؤ بالمعدل التراكمي الجامعي التي يمكن عزوها إلى المعدل التراكمي للمدرسة الثانوية (High School GPA) واختبار الاستعداد (اللفظي Verbal SAT، والكمي Math SAT)، وكشفت عن قوة تنبؤية واضحة لكلا المتغيرين. ولأن الجامعات الأسترالية تعتمد ترتيب الطالب في نتيجة اختبار دخول التعليم العالي (يرمز لهذا المحك بـِTER اختصاراً للعبارة Tertiary Entrance Rank) كمحك رئيس للقبول، فقد كان المتغير ذا الارتباط الأعلى بالأداء في الجامعة (Birch and Miller, 2007; and Win and Miller, 2005).
ومع أن الأثر القوي لمعايير القبول يزيد الثقة بها، إلا أنها لا تفسر إلا جزءاً صغيراً في تباين أداء الطلاب الجامعي؛ مما يدفع لمزيد من البحث، للكشف عن مؤثرات أخرى يمكن أن تفيد كمعايير قبول، أو لتحسين القوة التنبؤية لمعايير القبول الحالية.
واستناداً إلى بحوث اقتصاديات الجودة، التي تحبذ الاستدلال على جودة المدرسة من خلال أداء خريجيها في مرحلة تعليمية لاحقة (Hanushek and Luque, 2003)، فقد تضمنت بعض دراسات الأداء الجامعي مؤشرات لجودة المدرسة الثانوية. ففي دراسة بيتز وزميله موريل (Betts and Morell, 1999) ظهر أثر إيجابي لمتوسط خبرة المعلمين بالمدرسة، ولكن معدل معلم/طالب لم يكن مؤثراً، فيما جاء ارتباط متغير "نسبة المعلمين بشهادات عليا" مع المعدل التراكمي بالجامعة عكس المتوقع سلبياً. وفي دراسة أمريكية أخرى (Cohn et. al., 2004) أظهر ترتيب جودة المدرسة الثانوية (High School Rank) أثراً إيجابياً في المعدل التراكمي الجامعي.
وفي بريطانيا، لم يظهر ارتباط ذو دلالة إحصائية لمؤشرات جودة المدرسة الثانوية (معدل الطالب للمعلم، ومعدل الإنفاق للطالب، ورواتب المعلمين، وحجم المدرسة، وعمر المدرسة، وكونها أحادية الجنس) مع درجة الشرف عند إنهاء الدراسة الجامعية (Dearden et. al., 2002; Smith and Naylor, 2001 and 2005). ولم تتفق الدراسات البريطانية على أفضلية الأداء الجامعي لخريجي المدارس الثانوية الأهلية. ففي حين وجدت إحداها (Dearden et. al., 2002) أداءً جامعياً أفضل لخريجي المدارس الأهلية، ناقضتها أخرى (McNabb et. al., 2002; Smith and Naylor, 2001 and 2005) بتدني الأداء الجامعي لخريجي الثانويات الأهلية مقارنة بالثانويات العامة (الشاملة)، رغم أن المدارس الأهلية هناك انتقائية في قيد الطلاب، وتتمتع بموارد جيدة بفضل رسوم الدراسة، ومع أن خريجي المدارس الأهلية حققوا في المتوسط تقديرات أعلى في المستوى المتقدم (محك القبول بالجامعة).
أما الدراسات الأسترالية (Birch and Miller, 2007; and Win and Miller, 2005) فقد كشفت عن وجود ارتباط سلبي بين حجم المدرسة الثانوية ودرجات السنة الأولى في الجامعة، كما اتفقت مع الدراسات البريطانية في انخفاض الأداء الجامعي لخريجي المدارس الثانوية الأهلية، إذ يحققون في المتوسط درجات أقل في السنة الأولى من الجامعة رغم أنهم يتفوقون في اختبار دخول الجامعة.
ولأن استكشاف كفاية توظيف الموارد (Efficiency of Resourse Utilisation) يقتضي دراسة أثر المتغيرات المؤسسية في الأداء الأكاديمي، بعد أن تكون المتغيرات الخارجية قد ضبطت إحصائيا، فقد ضمنت بعض الدراسات السابقة متغيرات تشير إلى مستوى الموارد في نماذجها الإحصائية، ولجأت دراسات أخرى لتقدير الفرق في الأداء الأكاديمي عبر أقسام ومؤسسات التعليم العالي.
ففيما يتعلق بأثر الموارد، وفي مقارنة عبر الجامعات البريطانية، وجد ماكناب وزملاؤه (McNabb et. al., 2002) مؤشراً إيجابياً للكفاية، حيث كان الارتباط إيجابياً بين درجة الشرف التي حققها الطالب ونسبة دخل الجامعة من العقود البحثية؛ وفي هذه النتيجة إشارة إلى أن الموارد التي أضافتها العقود البحثية انعكست في مخرجات أفضل، كما تطمئن عن تكاملية وظائف الجامعة البحثية والتدريسية، بمعني أن الجامعات الأفضل بحثياً كانت أميز تدريسياً. وفي الدراسة نفسها -وكمؤشرين إيجابيين للكفاية- جاء معاملاً "نسبة أستاذ/طالب" و"نصيب الطالب من الإنفاق على المكتبة" إيجابيين ودالين إحصائياً؛ بمعنى أن الكلفة كانت مبررة. فالانخفاض المكلف لعدد الطلاب مقابل عدد الأساتذة أضاف للمخرجات (من خلال تحسن الأداء الأكاديمي للطلاب)، كما لم يذهب الإنفاق على الخدمات المكتبية سدى، بل أسهم في العملية التعليمية. إلا أن الدراسة البريطانية وجدت مؤشراً سلبياً للكفاية، حيث انخفض الأداء الأكاديمي في الجامعات التي ترتفع فيها نسبة الإنفاق للطالب (expenditures per student) مما يحذر من أن الإنفاق الأعلى قد لا يؤدي لعملية تعلم أجود. كذلك، لم تجد دراسة ماكناب وزملائه دلالة إحصائية لمتغير عدد طلاب الجامعة، ولكن درجات شرف الطلاب زادت بزيادة أقسام الجامعة الحاصلة على تقدير ممتاز في تقييم الجودة من قبل هيئة ضمان الجودة البريطانية (Quality Assurance Agency, QAA).
وفي نتيجة لافتة للنظر، حقق طلاب الجامعات البريطانية المقيمون في سكن الجامعة درجات شرف أعلى مقارنة بنظرائهم الذين يسكنون في منازل خاصة بهم أو في منازل آبائهم (Naylor and Smith, 2004)؛ وبافتراض أن السكن الجامعي يوفر تفاعلاً اجتماعياً مثمراً، يمكن أن يدعم الأداء الأكاديمي للطالب، فإن متغيراً – كهذا- يمكن أن يعد من ضمن المتغيرات المؤسسية، ويمكن لهذه النتيجة (إذا ما تأكدت عبر عدة دراسات) أن تشجع سياسة السكن الجامعي.
وحيث تؤكد دراسات دوال الإنتاج التعليمية أن كثيراً من المتغيرات المؤسسية المؤثرة في التحصيل المعرفي غير مكشوفة (Hanushek, 2005)، فقد اتفقت أكثر دراسات الأداء الأكاديمي (Betts and Morell, 1999; Naylor and Smith, 2004; McNabb et. al., 2002; Smith and Naylor, 2001) على التمييز بين الأقسام (أو التخصصات) بمتغيرات صورية (ثنائية القيمة، تشير إلى انتماء أو عدم انتماء الطالب للقسم المعني)؛ وعادة ما تظهر تلك المتغيرات أثراً دالاً إحصائياً يعكس فروق الأداء الأكاديمي عبر الأقسام، وتشير إلى أن ثمة متغيرات مؤسسية غير بيّنة تقف خلف هذا الفرق، خاصة بعد عزل أثر معايير القبول والمتغيرات الفردية والمنزلية المتعلقة بالطالب.
وباستخدام المتغيرات الصورية - التي تعكس الأثر الكامل للمؤسسة التعليمية - وجد براتي (Bratti, 2002) فروقاً كبيرة عبر الجامعات البريطانية في الأداء الأكاديمي للطلاب، إلا أن دراسة بريطانية أخرى (Smith and Naylor, 2001) لم تكشف عن فروق بين الجامعات البريطانية حينما صنفت في خمس مجموعات بحسب السمعة والتاريخ.
وبنظرة عامة لمنهج دراسات اقتصاديات التعليم السابقة، يلاحظ أنها استفادت من قواعد البيانات الثرية في الدول المتقدمة، وكفيت كلفة العمل الميداني لجمع البيانات. وكانت أساليب الانحدار المتعدد (Multiple Regression) هي السائدة في دراسات الاقتصاديين السابقة، بمقياس الأداء الأكاديمي في الجامعة كمتغير تابع ومتغيرات مستقلة تمثل مجموعة المحددات؛ مع نضج واضح في معالجة المتغيرات وبناء النماذج الإحصائية. وبحكم أن الأداء الأكاديمي للطالب في أمريكا يقاس بصيغة كمية -بما يسمى المعدل التراكمي (Grade Point Average, GPA)- فقد وظفت الدراسات الأمريكية الانحدار الخطي (Linear Regression). واستندت الدراسات الأسترالية أيضاً إلى الانحدار الخطي، بمتغير تابع مستمر مركب من متوسط الدرجات الموزونة (بحسب عدد الوحدات) لمقررات العام الأول في الجامعة. أما في بريطانيا، ولأن الأداء الأكاديمي للطالب يقاس بصيغة رتبية، بمرتبة الشرف عند التخرج (الأولى، الثانية العليا، الثانية الدنيا، الثالثة، أخرى، عدم الحصول على الدرجة) فقد فضلت الدراسات توظيف الانحدار الاحتمالي (Probit Regression).
الدراسات العربية
تعاني الدارسات العربية في مجال الأداء الأكاديمي من الندرة، كما أن نطاقها أقل سعة من الدراسات الاقتصادية في تناول المتغيرات المؤثرة على الأداء الأكاديمي، وأقل نضجاً في معالجاتها الإحصائية. ومن الغريب أن عدداً من الدراسات العربية (الشامي وغنايم، 1993؛ قاضي، 1987؛ القرني، 1994؛ الكندري، 1993) استندت إلى مسح وجهات النظر؛ أي لم تسعَ لإثبات علاقات سببية بالربط بين الأداء الأكاديمي ومتغيرات مستقلة ذات أثر مفترض. أما العدد الأقل منها (عسيري وعسيري، 1996؛ النجار، 2001) - التي انشغلت بالتنبؤ بالأداء الأكاديمي إحصائياً - فقد كانت ذات نطاق تحليلي محدود؛ حيث اقتصرت على اختبار القوة التنبؤية لمعايير القبول (نتيجة الثانوية العامة واختبارات القبول)، إضافة إلى متغيري الجنس والتخصص في الثانوية العامة، مع مقارنة تغير المعدل التراكمي عبر التخصصات المختلفة. ثم إن معالجاتها الإحصائية كانت أقل نضجاً، مقارنة بالنمذجة الإحصائية المتقدمة في الدراسات الاقتصادية.
ثالثاً: منهج الدراسة وإجراءات جمع البيانات وتحليلها
استبانة جمع البيانات
استناداً إلى ماتقترحه الدراسات السابقة من متغيرات، وبالنظر إلى طبيعة البيئة السعودية، فقد صممت الاستبانة لجمع عدد كبير من البيانات من خلال الطلاب والطالبات، مع اختلاف –طفيف- في المحتوى بين الاستبانة الموجهة للطلاب مقارنة بتلك الموجهة للطالبات، بسبب اختلاف بعض المتغيرات بين الطلاب والطالبات.
وقد صُنفت متغيرات الاستبانة في أربع مجموعات: الظروف الفردية والأسرية للطالب (من هنا، وفيما يلي ستستخدم كلمة طالب للإشارة للدارس بالجامعة، ذكر أو أنثى، إلا عندما يقتضي السياق التمييز بين الجنسين)، وجودة المدرسة الثانوية، ومعايير القبول بالجامعة (نتيجة الثانوية واختبار القدرات، والاختبار التحصيلي إن وجد)، وخصائص القسم والكلية. كما حوت الاستبانة فقرات لتعرف الطالب وأدائه الأكاديمي (المستوى الدراسي، والمعدل التراكمي، والتقدير)، ومعظم أسئلة الاستبانة تستقصي بيانات واقعية (Factual Questions)، في حين صيغت بعض الأسئلة بصيغة أسئلة الميول (Attitudinal Questions) لدى باحثي علم النفس، للاستدلال على بعض المتغيرات (مثل جودة المدرسة الثانوية وجودة القسم والكلية وجهد الطالب الأكاديمي) من وجهة نظر الطالب.
وقد عرضت الاستبانة على أربعة من أعضاء هيئة التدريس ذوي الخبرة الطويلة في البحث العلمي والدراية ببناء الاستبانات: اثنين في جامعة طيبة وواحد من كل من جامعة أم القرى وجامعة الطائف؛ ووردت منهم ملحوظات أفادت في وضوح الأسئلة وتسلسلها، ومناسبة الخيارات المطروحة للإجابة.
(العمل الميداني)
جمعت البيانات في الفصل الثاني للعام الجامعي 1427/1428هـ (2006/2007م). وخُطط العمل ميدانياً بهدف تغطية مستويين (المستوى يعادل فصلاً دراسياً) في كل تخصص من التخصصات المتاحة في الحرم الجامعي. فبعد الاطلاع على الجداول الدراسية في الأقسام العلمية، اختيرت مقررات معينة، من مستويين على الأقل، يتوقع أن يسجل بها عدد كبير من طلاب ذلك المستوى. ففي كل من التخصصات الأربعة لكلية العلوم (الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والأحياء) أُختير مقرر أو أكثر من المستويين الثالث أو الرابع (السنة الثانية)، ومقرر أو أكثر من المستوى السابع أو الثامن (السنة الرابعة). وكان الهدف قياس أداء الطالب في بداية دخوله للجامعة، وبعد مضي فترة من استمراره في الدراسة واستقرار معدله، ولأن السنة الأولى في كلية العلوم سنة عامة لكافة الطلاب، فقد أُعتبر المستوى الثالث بداية للدراسة في القسم العلمي.
ولأن الطالب في كلية التربية والعلوم الإنسانية لا يخضع لدراسة سنة أولى عامة - كما الحال في كلية العلوم- فقد أُختيرت مقررات من المستويين الأول والثاني (السنة الأولى) ومقررات من المستويين الخامس والسادس (السنة الثالثة)، لكل من التخصصين المتاحين في الكلية: اللغة العربية واللغة الإنجليزية.
ولم يكن التشعيب التخصصي متاحاً إلا في كليتي "العلوم" و"التربية والعلوم الإنسانية"، فثالث أقدم كليات الجامعة (كلية الطب) يوجد بها تخصص واحد. أما كلية علوم وهندسة الحاسبات -رابع كليات الجامعة من حيث النشأة- فلم تأخذ بتنويع التخصص إلا مؤخراً، وجميع الطلاب الذين قُبلوا منذ ذلك التاريخ في المرحلة التحضيرية (السنة الأولى لدخول الجامعة). وفي كلية العلوم المالية والإدارية - خامس الكليات نشأة، التي لم تكن قد خرجت أية دفعة من طلابها وقت التنفيذ الميداني للبحث- تشعيب تخصصي، ولكنه يبدأ من السنة الرابعة. ولذلك فقد كانت إجراءات توزيع الاستبانة مختلفة في الكليات الثلاث الأخيرة.
ففي كلية الطب، ولانخفاض عدد الطلاب في كل مستوى، ولأن السنة الأولى سنة تحضيرية عامة، ولأن نظام الدراسة بها سنوي، والطلاب ينتقلون بين السنوات بنظام الفوج، وُزِّعت الاستبانة على طلاب ثلاثة مستويات: الثاني، والرابع، والسادس. وفي كلية علوم وهندسة الحاسبات، قُصدت مقررات المستويات من الثالث إلى السادس؛ باعتبار أن كافة طلاب السنة الأولى في السنة التحضيرية حالياً. أما في كلية العلوم المالية والإدارية، ولأن مقررات المستوى الأول والمستوى الثاني تعد ضمن السنة التحضيرية العامة التي قد يُستبعد الطالب بعدها إذا انخفض معدله، فقد وُزٍّعت الاستبانة في مقررات من المستوى الرابع فأعلى. ومع أن الطلاب في المستويات السابع فأعلى (السنة الرابعة) قد يتخصصون في واحد من أربعة مجالات: إدارة الأعمال، والمحاسبة، والتسويق، والتمويل والاستثمار، إلا أن عدد الطلاب كان صغيراً في الشعب، مما دعا إلى تجاهل متغير التخصص.
أما بقية كليات الجامعة (الهندسة، والعلوم الطبية التطبيقية، والصيدلة، وطب الأسنان)، فحديثة النشأة؛ وتعد كلية الهندسة الوحيدة من بينها التي قبلت طلاباً للعام الجامعي 2006/2007، ولكن أولئك الطلاب مازالوا في السنة التحضيرية.
وقد نُفٍّّذ المسح الميداني بواسطة مساعدين (ومساعدات) مدربين جيداً من قبل الباحث بغرض توزيع الاستبانات واستردادها. وكانت الإجراءات تبدأ بالتواصل مع عميد الكلية، أو وكيلها، أو رئيس القسم، للاتفاق على المقررات ومواعيد شعبها ثم التنسيق مع أستاذ المقرر لزيارته في أثناء المحاضرة لتوزيع الاستبانة واستردادها. وفي قاعة المحاضرة، يبدأ التنفيذ بأن يتحدث مساعد الباحث إلى الطلاب لتوضيح غرض البحث وفائدته المتوقعة في تحسين جودة التعليم والتأكيد على أهمية استكمال المعلومات، قبل توزيع الاستبانات واستردادها في أثناء المحاضرة؛ وكانت العملية تستغرق -في المتوسط- خمساً وعشرين دقيقة. ومجملاً، فقد جاءت الاستجابة عالية، وكان التعاون من الأساتذة ومسئولي الكليات ملموساً، وندرت الاستبانات غير المكتملة.
ويتضح من جدول رقم (1) أن العينة تكونت من 2.312 حالة؛ أكثر من نصفها (61%) من الطالبات، بسبب زيادة أعدادهن في المقررات التي اختيرت، لسعة القاعات الدراسية لديهن بصفة عامة، ولزيادة معدلات الغياب لدى الطلاب مقارنة بها لدى الطالبات. ومقارنة بالعدد الإجمالي للمقيدين بالجامعة في وقت التنفيذ الميداني (قرابة 8000)، فقد شكلت العينة حوالي ربع المجتمع الأصلي.
جدول رقم (1)
توزيع العينة من الطلاب والطالبات حسب القسم والكلية
الكلية القسم الطلاب الطالبات المجموع
العلوم رياضيات التكرار 80 108 188
النسبة %8.79 %7.70 %8.13
فيزياء التكرار 42 0 42
النسبة 4.62 %0.00 %1.82
كيمياء التكرار 60 82 142
النسبة %6.59 %5.85 %6.14
أحياء التكرار 78 174 252
النسبة %8.57 %12.41 %10.90
التربية والعلوم الإنسانية اللغة العربية التكرار 93 235 328
النسبة %10.22 %16.76 %14.19
اللغة الإنجليزية التكرار 120 503 623
النسبة %13.19 %35.88 %26.95
الطب الطب التكرار 87 97 184
النسبة %9.56 %6.92 %7.96
العلوم المالية ولإدارية العلوم المالية والإدارية التكرار 150 0 150
النسبة %16.48 %0.00 %6.49
هندسة وعلوم الحاسبات هندسة وعلوم الحاسبات التكرار 200 203 403
النسبة %21.98 %14.48 %17.43
المجموع التكرار 910 1402 2312
النسبة %100.00 %100.00 %100.00
وقد مثل طلاب وطالبات كلية التربية والعلوم الإنسانية النسبة العظمى (41%)؛ لأن "اللغة العربية" و"اللغة الإنجليزية" تخصصان نظريان، وعادة مايزداد القيد بهما. أما عينة كلية العلوم (تخصصات: الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والأحياء)، فقد شكلت أكثر من الربع (27%).
وليس مستغرباً انخفاض إسهام كلية الطب في العينة (8%)، وذلك للانخفاض المعتاد في أعداد الطلاب في هذا التخصص، ولأن كلية الطب ظلت طوال السنوات الماضية تقبل أعداداً قليلة بسبب ظروف النشأة. أما في كلية العلوم المالية والإدارية، فإن سبب صغر العيّنة (6.5%) أن الكلية مقصورة على الطلاب دون الطالبات، ولانخفاض القبول بها في السنوات الماضية بسبب الظروف المكانية وقلة إقبال الطلاب عليها، إضافة إلى الانسحاب الملموس بين طلابها. وعلى صعيد التخصص، شكل طلاب الفيزياء النسبة الأضعف (أقل من 2%)؛ ومن المتعارف عليه في الجامعة أن هذا التخصص يشهد الإقبال الأقل، إضافة إلى أنه غير متاح للطالبات.
المدخل التحليلي
تتبع الدراسة الحالية الأساليب الإحصائية الاقتصادية. وتستند دراسة الاقتصاديين للأداء الأكاديمي إلى مدخل دوال الإنتاج، الذي أسس له إريك هانوشيك (Hanushek, 1979 and 1986)، وتبعه آخرون (مثلاً: Monk, 1989, 1992). يُعبّر عن دوال الإنتاج رياضياً بالصيغة:
بمعنى أن المخرجات (0) محصلة (أو دالة) لمجموعة من المدخلات (x1, x2, x3, …xn). كما تُكتب إحصائياً بالصيغة:
حيث تشير i إلى الفرد (وحدة التحليل) وα لقاطع المعادلة، وترمز bj لمعامل (ميل) المتغير xij، فيما يعبر ei عن الخطأ التقديري.
وتقوم فلسفة دوال الإنتاج على أن الطالب يدخل المؤسسة التعليمية بسمات معينة (قدرات وسمات فردية، وظروف أسرية وبيئية، وتحصيل معرفي سابق، وغير ذلك) تؤثر في أدائة الأكاديمي، قبل أثر جودة المؤسسة التعليمية، الذي يُفترض أن يعكس إمكاناتها المادية والبشرية وكذلك سلوك المعلمين والإداريين بها.
وعليه، فإن التطبيق الإحصائي لدوال الإنتاج يتطلب تقدير الأثر في المتغير التابع (قياس نواتج التعلم) لكل متغير مستقل، صافٍ، بعد عزل أثر بقية المتغيرات إحصائياً. ولأن هذه الخاصية تتوفر في طرق الانحدار (Gujarati, 1995)، فقد استند إليها الاقتصاديون في تقديرات دوال الإنتاج في التعليم.
ورغم أن الانحدار يعد من الإحصاءات الصلبة (Robust Statistics)، بحيث لاتتأثر تقديراته بالإخلال ببعض الافتراضات المتعلقة بقياس المتغيرات وتوزيعها، إلا أنه يتطلب الكثير من العمل لتهيئة المتغيرات للتحليل. فأي متغير مستقل، إن لم يكن في الصيغة المستمرة، يجب أن يكون في صيغة القياس الصورية؛ بقيمتين، صفر وواحد –في العادة- تعبران عن انتماء أو عدم انتماء الفرد إلى الفئة. ومراعاة لهذا الشرط، فإن أي متغير فئوي -إن لم يكن أصلاً ثنائي القيمة-يجب أن يعاد ترميزه، بحيث يتحول إلى مجموعة متغيرات صورية تساوي -على الأكثر- عدد الفئات وتعبر بمجموعها عن المتغير الأصلي. وعند إجراء عملية بناء النموذج الإحصائي، فإن أحد المتغيرات الصورية يجب أن يستبعد من المعادلة ليمثل فئة المقارنة (Comparison group).
ويعد النموذج الخطي أشهر طرق الانحدار، و يُشترط فيه أن يكون المتغير التابع في صيغة القياس المستمرة. أما حينما يكون المتغير التابع في صيغة فئوية، فإنه من الأفضل التحول إلى الانحدار اللوجستي (Logistic Regression) أو الاحتمالي (Long and Freese, 2006). وبحكم أن المتغير التابع (المعدل التراكمي) مقاساً بالصيغة المستمرة، فقد وظفت الدراسة الحالية الانحدار الخطي.
بناء النموذج
يحوي جدول رقم (2) وصفاً للمتغيرات، فيما يعرض جدول رقم (3) الإحصاءات الوصفية الأساسية (المتوسط والانحراف المعياري) للمتغير التابع ومجموعة المتغيرات المستقلة.
وقد دُقق "المعدل التراكمي" المدوّن في الاستبانة على أساس بيانات "القبول والتسجيل" الإلكترونية الرسمية، بالاستفادة من اسم ورقم الطالب المضمنين في الاستبانة، إلا أن قواعد بيانات تسجيل الطلاب لم تفد في أكثر من ذلك، حيث لم تتضمن شيئاً من المتغيرات المستقلة، بينما يفترض أن تحوي –على الأقل- نتائج الطلاب في معايير القبول (نتيجة الثانوية، واختبار القدرات، مثلاً).
وباستثناء متغيري "نتيجة المرحلة الثانوية" و"المسافة التقريبية بين المدرسة وإدارة التعليم" المستمرين، فقد كانت المتغيرات المستقلة في الصيغة الصورية (انظر جدول رقم 2). ولأن بعض المتغيرات الصورية كانت في الاستبانة ثنائية القيمة، فإنها لم تحتج إلى معالجة. أما المتغيرات الصورية الناتجة عن صيغ قياس ثلاثية الفئة أو أكثر، فقد كانت معالجتها طويلة نوعاً ما؛ حيث روعيت التكرارات في كل فئة، والفرق بين الفئات في الأداء الأكاديمي، قبل تحديد عدد المتغيرات الصورية التي تمثل المتغير الأصلي. وعلى سبيل المثال، فإن المتغير الصوري "الأسرة مهتمة بالتعليم"، يمثل المتغير رباعي القيمة (عالٍ، متوسط، غير مهتمة، لا تشجع التعليم) الناتج عن إجابة السؤال: "كيف تصف اهتمام أسرتك بتعليمك؟"، وقد رُمَّز بالقيمة "واحد" حينما تكون الإجابة في الفئة "عالٍ" والقيمة "صفر" حينما تكون الإجابة في أي من الفئات الأخرى.
جدول رقم (2)
وصف المتغيرات
المتغير التوصيف
المعدل التراكمي (GPA) المتغير التابع، المعدل التراكمي، بنهاية الفصل الأول لعام 06/2007
الجنس طالب 1- طالب، 0 = طالبة
الأم تعمل 1- تعمل، 0 = لاتعمل
الأسرة مهتمة بالتعليم 1- اهتمام الأسرة بالتعليم عال، 0 = غير ذلك
يواجه/تواجه صعوبات مالية 1- يواجه/تواجه صعوبات مالية باستمرار، 0- غير ذلك
لاعمل في أثناء الدراسة 1- لايعمل على الإطلاق؛ 0- غير ذلك
ترك الدراسة واغتنام الفرصة الوظيفية 1- سيتوقف/تتوقف عن الدراسة للوظيفة؛ 0 = لا
الثانوية من تعليم المدينة 1- خريج/خريجة التعليم الثانوي بالمدينة، 0 = غير ذلك
المدرسة الثانوية حكومية 1- مدرسة حكومية، 0 = غير ذلك
المسافة بين المدرسة وإدارة التعليم المسافة بالكيلومتر بين المدرسة وإدارة التعليم
نتيجة المرحلة الثانوية النسبة المئوية الموزونة حسب شهادة الثانوية
نعم للتحول عن التخصص الحالي 1- يرغب/ترغب في التحول؛ 0 = لا يرغب/ترغب
أكثر من 15% غياب عن المحاضرات 1- تجاوز الغياب 15% من المحاضرات؛ 0 = غير ذلك
غياب 11-15% عن المحاضرات 1- الغياب 11-15%؛ 0 = غير ذلك
غياب 6-10% عن المحاضرات 1- الغياب 6-10%؛ 0- غير ذلك
1-2 ساعة دراسة 1- وقت الاستذكار اليومي 1-2 ساعة؛ 0 = غير ذلك
3-5 ساعة دراسة 1- وقت الاستذكار اليومي 3-5 ساعات؛ 0 = غير ذلك
أكثر من خمس ساعات دراسة 1- وقت الاستذكار اليومي > خمس ساعات؛ 0 = غير ذلك
العلوم المالية والإدارية 1- مقيد/مقيدة في كلية العلوم المالية والإدارية؛ 0- غير ذلك
علوم وهندسة الحاسبات 1- مقيد/مقيدة في كلية علوم وهندسة الحاسبات 0- غير ذلك
الفيزياء 1- مقيد/مقيدة في قسم الفيزياء؛ 0- غير ذلك
الرياضيات 1- مقيد/مقيدة في قسم الرياضيات؛ 0- غير ذلك
الكيمياء 1- مقيد/مقيدة في قسم الكيمياء؛ 0- غير ذلك
الأحياء 1- مقيد/مقيدة في قسم الأحياء؛ 0- غير ذلك
اللغة الإنجليزية 1- مقيد/مقيدة في قسم اللغة الإنجليزية؛ 0- غير ذلك
الطب 1- مقيد/مقيدة في كلية الطب؛ 0- غير ذلك
وقد كانت عملية بناء نماذج الانحدار مطوّلة. فبعد فحص توزيع المتغيرات، وإنشاء المتغيرات الصورية، تُفحص مصفوفة الارتباط بين المتغيرات المستقلة؛ فقد يكون أحد المتغيرات مرتبطاً بدرجة كبيرة بمتغير آخر -لمبرر نظري (مثلاً: ارتباط تعليم الوالد بمهنته)، أو بمحض الصدفة بسبب لظروف معينة في بيئة التطبيق- فيحدث تحيّز في أثرهما في المتغير التابع عند إدراجهما معاً في النموذج، بسبب مشكلة تسمى الارتباط الخطي المتعدد (Gujarati, 1995).
ويلي ذلك عملية اختبار ارتباط المتغيرات المستقلة بالمتغير التابع من خلال الإحصاءات الثنائية (معاملات الارتباط الثنائي، Bivariate Correaltion Coeffiocients؛ ومقارنة المتوسطات، Comparison of means)؛ فالمتغير ضعيف الارتباط يستبعد من التحليل اللاحق، خاصة إذا كان ضعيف الأهمية، نظرياً أو من واقع الدراسات السابقة. وبعد ذلك تبدأ عملية بناء نموذج الانحدار بطرق الحذف الخلفي (Gillman and Hill, 2007)؛ بأن تدرج المتغيرات التي تجاوزت مرحلة الإحصاءات الثنائية في النموذج، ثم يستبعد المتغير ذو المعامل الضعيف، ثم تجرى العملية مرة أخرى ويستبعد المتغير الأضعف، وهكذا حتى يستقر النموذج النهائي، الذي يقتصر على المتغيرات المؤثرة؛ سعياً نحو مايسمى إحصائياً النموذج المتماسك (Parsimonious Model)، وهو الذي يحقق أعلى تنبؤ بالمتغير التابع بأقل عدد من المتغيرات المستقلة (Gujarati, 1995).
جدول رقم (3)
المتوسط (والانحراف المعياري) للمتغيرات
كامل العينة الطلاب الطالبات
المعدل التراكمي (GPA) 3.71 (0.71) 3.32 (0.70) 3.96 (0.60)
الجنس طالب 0.39 (0.49)
الأم تعمل 0.18 (0.38) 0.14 (0.34) 0.21 (0.40)
الأسرة مهتمة بالتعليم 0.80 (0.40) 0.72 (0.45) 0.85 (0.36)
يواجه/تواجه صعوبات مالية 0.11 (0.31) 0.20 (0.40) 0.04 (0.21)
لاعمل في أثناء الدراسة 0.92 (0.28) 0.82 (0.38) 0.98 (0.16)
ترك الدراسة واغتنام الفرصة الوظيفية 0.18 (0.39) 0.26 (0.44) 0.14 (0.34)
الثانوية من تعليم المدينة 0.87 (0.33) 0.82 (0.39) 0.91 (0.29)
المدرسة الثانوية حكومية 0.79 (0.41) 0.88 (0.32) 0.73 (0.45)
المسافة بين المدرسة وإدارة التعليم 26.03 (66.79) 36.79 (85.88) 18.86 (48.94)
نتيجة المرحلة الثانوية 91.97 (18.12) 89.23 (5.89) 93.75 (22.60)
نعم للتحول عن التخصص الحالي 0.18 (0.39) 0.15 (0.35) 0.21 (0.41)
أكثر من 15% غياب عن المحاضرات 0.08 (0.27) 0.12 (0.33) 0.05 (0.21)
غياب 11-15% عن المحاضرات 0.08 (0.26) 0.10 (0.30) 0.06 (0.24)
غياب 6-10% عن المحاضرات 0.18 (0.38) 0.20 (0.40) 0.16 (0.36)
1-2 ساعة دراسة 0.40 (0.49) 0.42 (0.49) 0.38 (0.49)
3-5 ساعة دراسة 0.23 (0.42) 0.13 (0.33) 0.30 (0.46)
أكثر من خمس ساعات دراسة 0.10 (0.30) 0.02 (0.14) 0.15 (0.35)
العلوم المالية والإدارية 0.06 (0.25) 0.16 (0.37) 0.00 (0.00)
علوم وهندسة الحاسبات 0.17 (0.38) 0.22 (0.41) 0.14 (0.35)
الفيزياء 0.02 (0.13) 0.05 (0.21) 0.00 (0.00)
الرياضيات 0.08 (0.27) 0.09 (0.28) 0.08 (0.27)
الكيمياء 0.06 (0.24) 0.07 (0.25) 0.06 (0.23)
الأحياء 0.11 (0.31) 0.09 (0.28) 0.12 (0.33)
اللغة الإنجليزية 0.27 (0.44) 0.13 (0.34) 0.36 (0.48)
الطب 0.08 (0.27) 0.10 (0.29) 0.07 (0.25)
عدد الحالات 2223 884 1339
ولأنه من المعتاد في البحوث المسحية وجود بعض الإجابات المفقودة، فقد أجري التحليل الإحصائي بحيث تستبعد أية حالة لديها إجابة مفقودة في أي من المتغيرات التي أدرجت في معادلة الانحدار النهائية. ولذلك، يتضح من الصف الأخير في جدول رقم (3) أن عدد الأفراد أقل من عدد الاستبانات التي جمعت (كما وصفت في جدول رقم (1)، رغم أن الطالبات يشكلن هنا أيضاً 60%. وأسوة بعدد من الدراسات السابقة (McNabb et. al., 2002; Smith and Naylor, 2005; Smith and Nalyor, 2001)، ولأن الطالبات في الجامعات السعودية يدرسن في بيئات مستقلة عن الطلاب، ولاختبار قوة المتغيرات، من خلال ثبات أثرها عبر عينتي الطلاب والطالبات، فقد أجري تحليل مستقل لكل من عينة الطلاب والطالبات، إضافة إلى تحليل بيانات كامل العينة.
رابعاً: عرض النتائج وتحليليها
يحوي جدول رقم (4) ثلاثة نماذج انحدار: للعينة كاملة، وللطلاب فقط، وللطالبات فقط. كما يتضمن قيمة المعامل ونتيجة اختبار (ت) للدلالة الإحصائية لكل متغير، مع الإحصاءات الشمولية لكل نموذج (معامل التحديد (مربع "ر")، واختبار "ف" للدلالة الإحصائية لارتباط مجموعة المتغيرات المستقلة بالمتغير التابع). ولغرض تنظيمي، فقد قسمت المتغيرات إلى أربع فئات: الجنس، المتغيرات الأسرية والاقتصادية، جودة المدرسة الثانوية، معايير القبول، المتغيرات التعليمية والمؤسسية.
الجنس
في نموذج كامل العينة يبدو الأثر قوياً لمتغير الجنس، من خلال فرق المعدل التراكمي لصالح الطالبات، الذي تجاوز نصف النقطة، بما يعادل حوالي 72% من الانحراف المعياري وبمستوى دلالة إحصائية مرتفع (P < 0.01). ومع أن الفرق يبدو كبيراً، إلا أن تفوق الطالبات في الأداء الأكاديمي كان متوقعاً، بالنظر إلى البيئة السعودية، حيث تقل انشغالات البنات خارج المنزل، مما يتيح لهن وقتاً أطول للانشغال بالدراسة.
وقد وُجد التفوق الأكاديمي للطالبات في أمريكا (Betts and Morell, 1999; and Cohn et. al., 2004) وبريطانيا (Smith and Naylor, 2001) وأستراليا (Birch and Miller, 2007; and Win and Miller, 2005). إلا أنه تجب ملاحظة اختلاف البيئة السعودية؛ في فصل الطالبات عن الطلاب في أثناء الدراسة، كل في حرم جامعي مستقل، وفي بيئات العمل بعد التخرج. وهذا يعني ضعف التنافس بين الجنسين، نفسياً، وعلى وقت الأستاذ والموارد التعليمية عموماً؛ أي أن الأثر قد يكون صافياً لمتغير الجنس. ولكن يجب التنبيه إلى أن الموارد المتاحة للطالبات قد تكون أقل في جامعة طيبة. فغرفهن الدراسية تميل للكبر، إضافة إلى أن جزءاً من تعليمهن قد يصنف بأنه "عن بعد"، بأساتذة ذكور، بالنقل المرئي الصوتي من الأستاذ للطالبات والنقل الصوتي من الطالبات للأستاذ.
جدول رقم (4)
معاملات الانحدار (اختبار "ت")، ومعامل التحديد واختبار "ف" للنموذج النهائي
كامل العينة الطلاب الطالبات
المعامل (اختبار ت) المعامل (اختبار ت) المعامل (اختبار ت)
ثابت المعادلة 3.07 (24.70) * * * - 0.02 (- 0.05) 3.13 (19.25) * * *
الجنس طالب - 0.51 (- 13.23) * * *
المتعيرات الأسرية والاقتصادية
الأم تعمل 0.08 (2.14) * * 0.03 (0.39) 0.09 (2.09) * *
الأسرة مهتمة بالتعليم 0.06 (1.65) * 0.002 (0.03) 0.10 (1.98) * *
يواجه/تواجه صعوبات مالية -0.10 (- 2.02) * * - 0.06 (-1.03) - 0.14 (-1.65) *
لاعمل في أثناء الدراسة 0.12 (2.14) * * 0.03 (0.49) 0.05 (0.49)
ترك الدراسة واغتنام الفرصة الوظيفية - 0.19 (-4.80) * * * - 0.21 (- 3.54) * * * - 0.14 (-2.80) * * *
جودة المدرسة الثانوية
الثانوية من تعليم المدينة 0.13 (2.80) * * * 0.18 (2.68)* * 0.11 (1.74) *
المدرسة الثانوية حكومية 0.30 (8.07) * * * 0.24 (3.00)* * * 0.33 (8.27) * * *
المسافة بين المدرسة وإدارة التعليم 0.001- (-2.41)** -0.001 (-3.15)*** 0.0001 (0.74)
معايير القبول
نتيجة المرحلة الثانوية 0.002 (2.74) * * * 0.03 (6.40) * * * 0.001 (1.68) *
المتغيرات التعليمية والمؤسسية
نعم للتحول عن التخصص الحالي - 0.06 (- 1.49) - 0.01 (- 0.18) - 0.09 (- 1.92) *
أكثر من 15% غياب عن المحاضرات - 0.33 (- 5.69) * * * - 0.41 (- 5.12) * * * - 0.22 (- 2.59) * *
غياب 11-15% عن المحاضرات - 0.26 (- 4.63) * * * - 0.35 (- 4.17) * * * - 0.19 (- 2.59) * *
غياب 6-10% عن المحاضرات - 0.18 (- 4.52) * * * - 0.22 (- 3.34) * * * - 0.12 (- 2.49) * *
1-2 ساعة دراسة 0.004 (0.11) - 0.06 (- 1.04) 0.02 (0.46)
3-5 ساعة دراسة 0.14 (3.10) * * * 0.04 (0.49) 0.15 (2.87) * * *
أكثر من خمس ساعات دراسة 0.21 (3.57) * * * 0.001 (0.01) 0.26 (4.10) * * *
العلوم المالية والإدارية 0.39 (5.27) * * * 0.48 (4.74) * * * لا ينطبق
علوم وهندسة الحاسبات 0.27 (5.07)* * * 0.16 (1.70) * 0.31 (4.85) * * *
الفيزياء - 0.23 (-2.00)** - 0.15 (-1.10) لا ينطبق
الرياضيات 0.07 (1.02) 0.13 (1.15) 0.05 (0.63)
الكيمياء 0.08 (1.06) 0.17 (1.41) 0.06 (0.67)
الأحياء 0.08 (1.36) 0.28 (2.41) * * 0.05 (0.80)
اللغة الإنجليزية 0.31 (6.30) * * * 0.02 (0.23) 0.36 (6.82)* * *
الطب 0.35 (5.12) * * * 0.38 (3.06) * * * 0.16 (2.01) * *
قيمة مربع ر (R Squared) .354 .282 .223
قيمة مربع ر المعدلة (Adjusted R Squared) .344 .254 .205
اختبار ف (F-test) 34.201 * * * 9.874 * * * 12.206 * * *
* α <0.10؛ * * α <0.05؛ * * * α <0.01
المتغيرات الأسرية والاقتصادية
جاء أثر خروج الأم للعمل إيجابياً، ودالاً إحصائياً عند مستوى 5%، لكامل العينة ولدى الطالبات، رغم أن المعامل ليس كبيراً. ولقد اهتمت بعض دراسات دوال الإنتاج (Behrman and Rosenzweig,2002; and Chevalier, 2004) بكون الأم تعمل، باحتمالين لاتجاه الأثر: فإما أن يكون إيجابياً، لكون عمل الأم يدر دخلاً إضافياً للمنزل وبالتالي تحسّن البيئة المنزلية، أو أن يكون سلبياً لأن الأم العاملة تنشغل عن أسرتها ويضيق الوقت الذي تخصصه لتنشئة أطفالها. وكما يتضح من جدول رقم (3)، فإن 18% من الأمهات عاملات. ويبدو مقبولاً أن نجادل بأن خروج الأم للعمل يعني دخلاً إضافياً للمنزل وتوفير مزيد من احتياجات الأطفال. إلا أنه يجب الحذر من أن الأثر الإيجابي لكون الأم تعمل قد يعكس الأثر الإيجابي لكونها متعلمة، بالنظر إلى أن الأمهات العاملات –عادة- ما يكن بدرجة جامعية أو أعلى.
ورغم أن متغير "الأسرة مهتمة بالتعليم" قد لا يكون موضوعياً بقدر ما يعكس الانطباع الشخصي لدى الطالب، إلا أن أثره جاء في الاتجاه المتوقع، إيجابياً، عند مستوى 10% لكامل العينة ومستوى 5% للطالبات، وبفرق يقارب عُشر النقطة من المعدل التراكمي لصالح بنات الأسر المهتمة بالتعليم. وقد أكدت دراسات دوال الإنتاج أن اهتمام الأسرة بتعليم الطالب يعد من أهم المتغيرات المؤثرة في أدائه الدراسي (Waldfogel, 2002)؛ مع التأكيد على أنه متغير داخلي، بمعنى أن اهتمام الأسرة قد يكون ناتجاً عن الأداء الجيد للطالب، أي كلما زاد نبوغ الطالب زادت عناية الأسرة به، ثم إنه ليس متغيراً ملموساً يمكن لصناع القرار التدخل لتجويد التعليم من خلاله.
ويرتبط كون الطالب/الطالبة يواجه صعوبات مالية بعُشر النقطة انخفاضاً في المعدل التراكمي، عند مستوى 5% من الدلالة الإحصائية. ومع استمرار الارتباط في نفس الاتجاه، إلا أن الدلالة الإحصائية لم تتحقق لدى الطلاب، فيما تحققت عند مستوى 10% لدى الطالبات. وكما يتضح من جدول رقم (3)، فإن 11% من إجمالي العينة (20% من الطلاب في مقابل 4% من الطالبات) كانوا في فئة من يواجهون صعوبات مالية.
وفيما أجاب 92% من إجمالي العينة أنهم لا يعملون في أثناء الدراسة على الإطلاق (انظر جدول رقم 3)، فقد ارتفع المعدل التراكمي بأكثر من عُشر النقطة، في فرق دال إحصائياً عند مستوى 5%. إلا أن المتغير لم يكن دالاً إحصائياً لدى الطلاب (رغم انخفاض نسبة من لا يعمل منهم إلى 82%)، وكذلك بالنسبة للطالبات. ولكن، وفي مؤشر لأثر الجانب المالي في حياة الطالب الجامعي، فقد ارتبطت رغبة الطالب في "ترك الدراسة فيما لو عرضت وظيفة جيدة" بحوالي خمس النقطة انخفاضاً في المعدل التراكمي، وبمستوى دلالة إحصائية قوي (P < 0.01)، وهي النتيجة التي تأكدت بمستوى مشابه في عينة الطلاب (Coeff. = -0.21; t = -3.54)، وبدرجة أقل لدى الطالبات (Coeff. = -0.14; t = -2.80).
وجملة القول إن المتغيرات التي تشير إلى الوضع الاقتصادي للطالب تبدو مؤثرة في الاتجاه المتوقع، فكلما زادت حاجة الطالب الاقتصادية قل أداؤه الأكاديمي. وقد كشف دراسة أمريكية (Betts and Morell, 1999) عن وجود ارتباط سلبي بين دخل الأسرة والمعدل التراكمي في الجامعة، كما كان الارتباط سلبياً بين الطبقة الاجتماعية (مقاسة بمتغير خماسي يعبر عن عمل الوالدين: إداري أو محترف، ومكتبي، وخدمات، ويدوي، وأعمال أخرى) والمستوى الشرفي عند التخرج في الجامعة في بريطانيا (McNabb et. al., 2002). وبالمثل، كان الارتباط إيجابياً بين الأداء الأكاديمي ومهنة الوالدين في أستراليا (Win and miller, 2005). وباعتبار أن المستوى الاقتصادي للأسرة يؤثر إيجابياً في الالتحاق بالجامعة، مما يعني أن جزءاً من أثر هذا المتغير سيكون قد عُزل باستبعاد عدد أكبر من أبناء الأسر الضعيفة اقتصادياً من القبول في الجامعة (Checchi, 2006) ، فإن متغيرات المستوى الاقتصادي جديرة بالاهتمام.
جودة المدرسة الثانوية
في الاتجاه المتوقع، حقق خريجو وخريجات تعليم المدينة معدلات تراكمية أعلى. ولعل المبرر لذلك أن التخرج في إحدى مدارس تعليم المدينة يعني أن يقيم الطالب/الطالبة بين أسرته في أثناء داسته الجامعية، وبالتالي استمرار عناية الأسرة وعدم التعرض لظروف جديدة قد تؤثر سلباً في الأداء الأكاديمي. كما أن ال