مفهوم الاندماج التنظيمي في القطاع العام
إن الاندماج التنظيمي أو دمج المنظمات الحكومية أو الوزارات والأجهزة الحكومية هو أحدى عمليات إعادة هيكلة القطاع الحكومي، أو عمليات الإصلاح الإداري في القطاع العام.
كما أن إعادة هيكلة القطاع العام أو أياً من المسميات الأخرى لا تعني بالضرورة الاندماج التنظيمي فقط، فهناك عمليات أخرى مثل الإلغاء أو الإنشاء أو الترفيع أو التخفيض لمنظمات القطاع العام المختلفة، ويمكن أن تكون كل هذه العمليات بأكملها ضمن العملية الأم كإصلاح إداري عام على منظمات الدولة، ويمكن تطبيق جزء من هذه العمليات مثل الدمج والإلغاء مثلاً كجزء من عمليات الإصلاح الإداري المستمرة، ويمكن توضيح هذه العمليات في الشكل التالي:
الشكل (1) عمليات إعادة الهيكلة
ولتوضيح مفهوم الاندماج التنظيمي في القطاع العام، لا بد من معرفة مفهومي كلاً من إعادة هيكلة القطاع الحكومي والإصلاح الإداري في القطاع العام. فيستند البناء العلمي النظري لإعادة الهيكلة إلى فرضية أساسية مفادها أن الإدارة هي في المقام الأول أداة للتغيير تهدف إلى تحقيق التحول أو الانتقال من وضع سائد (ضعيف) إلى وضع جديد (فاعل)، وذلك من خلال ربط أجزاء النظام الإداري (المدخلات والنشاطات والمخرجات) وجعلها ذات قدرة فائقة على التأثير في الوضع المحيط بها من خلال نوعيات الموارد (المدخلات) التي تعمل على استقطابها من البيئة المحيطة، وكذلك من خلال المخرجات التي تطرحها للبيئة. وعملية إعادة الهيكلة لأجهزة الدولة لا تعني فقط تطوير الهياكل التنظيمية للأجهزة ، وإلغاء أو دمج وحدات واستحداث أخرى، بل إن العملية تمتد إلى عمق الكيان الإداري بحيث تشمل تحديد الأهداف العامة والنتائج الدقيقة التي تسعى الدولة إلى تحقيقها على المدى البعيد. (تيشوري، ]ب.ت[ : 2-3).
وذكر الطعامنة إن إعادة الهيكلة تشير إلى الجهود المبذولة لدراسة وتحليل الأجهزة المشمولة من حيث مدى الحاجة للجهاز ووضعه القانوني والعلاقات التنظيمية له، والمفهوم الواسع لإعادة هيكلة القطاع العام لا بد أن يشمل على إعادة النظر في هيكل الإدارة الحكومة المعاصرة (2005م: 6-7).
أما الإصلاح الإداري فيعرفه السلمي بأنه إدخال قدر من التغيير على الإطار العام لممارسة العمل الإداري وأساليبه بحيث تخفت مظاهر التخلف النسبي وتتلاشى النتائج المترتبة على هذا التخلف، وبمعنى آخر فإنه نشاط حركي وإجراء إيجابي يتجه إلى محاولة القضاء على أسباب التخلف الإداري، والتغيير خاصية الإصلاح الإداري الأولى، والإيجابية هي خاصيته الثانية (1972م: 47).
ومن التعاريف التي ذكرها التويجري أن الإصلاح الإداري في القطاع الحكومي عبارة عن الجهود المنظمة وبشكل مقصود لإحداث تغييرات جوهرية وأساسية في بنية وتركيبة وإجراءات الجهاز الحكومي، وهذه التغييرات تتعدى إلى تحسين اتجاهات وسلوك الإداريين العاملين في الجهاز الإداري الحكومي وذلك بقصد رفع وزيادة كفاءة أداء هذا الجهاز لتحقيق أهداف التنمية الوطنية (1410هـ : 20).
من هذه التعريفات نجد أنا كلا المصطلحين يصبان في أنهما أداتان للتغيير بدءاً من مدى الحاجة للجهاز الحكومي إلى التغيير الجوهري في تركيبة وإجراءات الجهاز الحكومي ونقله من وضع سيء وضعيف إلى وضع أفضل من حيث رفع وزيادة كفاءته وفاعليته، والاندماج التنظيمي أحدى والوسائل لتحقيق تلك النتائج.
وقد تم إيضاح مفهوم الاندماج في مشاركة سابقة بأنه مزج منظمتين أو أكثر وتكوين منظمة جديدة، وبمعنى آخر الاندماج هو التحام منظمتين أو أكثر التحاماً يؤدي إلى زوالها معاً والانتقال إلى منظمة جديدة.
ومن خلال ذلك يمكن القول بأن الاندماج التنظيمي في القطاع العام هو دمج منظمتين أو أكثر أو إدارات أو أقسام من منظمات القطاع العام (وزارات، مؤسسات عامة، أجهزة حكومية) في منظمة جديدة أو إلغاء منظمة أو أكثر وإضافتها أو أجزاء منها إلى منظمة قائمة لتحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين وترشيد النفقات العامة مما يزيد من كفاءة وفاعلية منظمات القطاع الحكومي ويكون ذلك بعد الاعتماد من قبل السلطة التشريعية.